اجتماع الأحرار فالداخلة: سياسة القرب بكلام فارغ والإقصاء الفعلي للإعلام المحلي
في خطوة لا تخلو من الرمزية، اختار حزب التجمع الوطني للأحرار مدينة الداخلة لعقد اجتماع مكتبه السياسي، مروّجًا للمبادرة الجديدة “مسار الإنجازات”، ومكرّسًا حضوره في الأقاليم الجنوبية. لكن خلف هذه الصورة المعلّبة والموجّهة بعناية للصحافة الوطنية، اختار الحزب أن يُقصي الصحافة المحلية بشكل متعمّد، في خطوة وُصفت من قبل مهتمين بالشأن المحلي بأنها احتقار صريح للأقلام التي تواكب نبض الجهة وتعرف تفاصيلها الحقيقية.
أي رمزية هذه التي تُبنى على التهميش؟ وأي انفتاح يدّعيه حزب لا يجرؤ على مواجهة إعلام المنطقة التي اختارها كمسرح لخرجاته السياسية؟ ما حدث في الداخلة ليس مجرد سهو تنظيمي، بل ممارسة مقصودة تكشف ازدواجية الخطاب وتكرّس نظرة فوقية تجاه الإعلام الجهوي، في وقت يُفترض فيه أن يكون شريكًا أساسيًا في النقاش.
وفي تصريح لعضو المكتب السياسي محمد أوجار، بلغة لا تخلو من الخشب السياسي، قال إن الحزب “عاد بعد التزاماته ليباشر السياسة بأسلوب جديد، بأسلوب نظيف يقوم على سياسة القرب وعلى مصارحة المواطنين”. فعن أي مواطنين يتحدث أوجار؟ حيث أن أغلب اللقاءات تم عقدها بشكل مغلق بعيدا عن المواطنين والصحافة المحلية.
ويأتي هذا التوجّه ضمن سياق أوسع يرسمه تقرير ناري صادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، التي اتهمت بشكل مباشر رئيس الحكومة عزيز أخنوش بتشديد قبضته على الإعلام المغربي، وتوظيف المال والنفوذ السياسي لسحق التعددية الإعلامية.
كما نبهت المنظمة إلى قطع الإشهار عن الصحافيين النزهاء، والتضييق القضائي الذي بدأ منذ فوز حزب “الأحرار” بانتخابات 2021، حيث رُفعت شكايات متوالية ضد الأصوات الحرة المنتقدة.
حزب “الأحرار”، الذي يتغنّى بخطاب القرب والإنصات، أسقط القناع في الداخلة، وفضّل صورة إعلامية مركزية صامتة على صوت محلي قد يطرح الأسئلة “غير المريحة”.
وهنا، يتضح أن “المسار” الحقيقي الذي أطلقه الحزب ليس مسار تنمية أو إنصات، بل مسار تلميع فوقي يُقصي كل ما لا يخدم الصورة المُعدّة سلفًا.
